وما أنا إلا جُرحٌ قديم، أحرقته الليالي الطوال قديماً، وكان اليوم الذي رأى فيه نور النور و نصر الصقور و فرحة أمهات الشهيد بهذا الوجود، تملى دمعاً، صبابةً عشقٍ، و تلوى كظماً للألم؛ خشية أن يقال فلانٌ أقل منك جرحاً فا ويل جرحك لماذا تأن، وما هو بأقل مني ألماً إنما جُرحي عميقٌ قديمٌ غزيرٌ أسيرٌ طويلٌ مُكبل قيدته السنون، وما من شفاء لهُ فالدماء تسيل والدموع تغادر ولا تعود، لكن الجراح آثارٌ أبدية و ذكرى قوية، فإن الذكرى لا يقتلها الغياب ولا يمحوها التعب ولكنها تبقى في القلب مثلما يكوي الدمع الجُرح تبقى في القلب ذكرى الجروح، وهذا النصر ولو كان حُلماً فإن الجراح عُرضة الانسراح بأعمال شغبٍ و حوادث غضبٍ والكثير الكثير من الأفراح التي تعيد إلينا ذكرى الجراح، فيارب قوة و يارب قوة ويارب قوة ويارب راحة لتلك الأرواح فأما الآن فقد آن الآوان لها بالبراح وأن تستريح، فسفرٍ طويل وزادٌ قليل وتلك الجروح حكايا صغيرة أمام العظيم، فيا عظيم رفعت اليك كل عظيم وأنت حبيبٌ قريبٌ مجيب وأنت الشافي وأنت المعافي وفيك التعافي فيارب قوة ويارب قربة ويارب وصلاً طويلاً طويل لا ينقطع بإنقطاع العمر ولا ينتهي بانتهاء الحرب ولا يبتعد بابتعاد العبد! يارب وصلاً فتلك الجراح حكايا صغيرة أمام العظيم وأنت العظيم وبك نستجير ونستعين وأنت المعين فيارب عونٌ ويارب قربٌ ويارب يارب الى لا نهاية فأنت في القلب وتعلم مافي القلب وتعلم وتعلم وأنت علام الغيوب.
هُدى مهاب كيلاني