انا لم أكن بعمري قلقةً على المستقبل غداً لا يعنيني فهو بمعية الله ورعايته وتوفيقه، لم أسعى يوماً للتأمل بحياتي ومقارنتها بإنجازات الآخرين فلكل منا دروب مختلفة متفرقة صعبة متعثرة في دُنيا لم تُخلق يوماً لتُرضينا بل بذلت جهدها في ان تضع في طريقنا كُل ما يؤذينا، إننا لا نفقه شيئاً إذا ظننا أننا سنرحل ملئ كُل ما حصدناه في سنواتنا الحيّة، إننا نكون لم نتعلم شيئاً من أعمارنا إن توقعنا أننا انتصرنا بكل هزائمنا الحبيسة جوف صدورنا وسقوطنا في عين أنفسنا أولاً قبل الآخرين فالقيم التي تُباع وتشترى بالمال وبالجاه وبالأنجازات التي تفخرون بها في حياتكم لم تكن سوى درجات لتسقط من نظر احترامك لذاتك وإيمانك بها لأنك تعلم علم اليقين أن الطرق البعيدة عن الله ورضاه ماهي الا شوائب يتعلق بها الشيطان ليسقطك في فخاخ الأمان بالدنيا وآخرتك خاوية لا شيء يملؤها سوى التراب، إنني لم أكن حريصة على اللهاث خلف الاعتبارات والمشاهدات والشهادات قدر حرصي على الرسوخ على مبادئي وأعرافي وإيماني بذاتي وقبلهم جميعاً شريعتي ومرجعيتي الإسلامية التي تغنيني بتوجيهاتها عن كل ما في هذه المرحلة من مقارنات وتقليد أعمى لحيوات أناس آخرون، أنت تعيش قصتك وحدك، تخوض دربك وحدك، تسير بملئ ارادتك وبعقلك الذي تملؤه بما أردت فالله خلق لك حرية الاختيار وانت قررت ان تقع في فخ الحياة بدل تحديها وقبول أن تحيا بعزتك وكرامتك وثباتك على قيمك، وقل سلاماً لكل الذين مروا من هنا ولم يأخذوا معهم شيئاً سوى أنفسهم التي افنوها في حياةٍ فانية، قل سلاماً لعل الله يرحمنا بعد عُسر المسير برقيىٰ خالدة ونُرضيه بما نحن فيه وما نسعى إليه فما قصدنا إلا إليه وما إيماننا إلا به، وماكنت لأقلق على غدٍ يسوقه ربي برحمته فاللهم لك الحمد والفضل والمنة على عطاياك الجمة …
هُدى مهاب كيلاني